السؤال : معنى حديث النبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: (رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ)، فهل معنى ذلك أنه يُعيد الصيام أو عليه القضاء أو ذهاب الأجل؟
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- أما بعد: هذا الحديث الصحيح الإجابة كانت في نفس الخطبة، خطبة طيِّبة تتعلق بموضوع ما يُفسد الصيام ويُفسد العمل سواءً كان في رمضان أو في غير رمضان، وهذا الذي صام وليس له من صيامه إلا الجوع والعطش معناه أن الأجر ذهب عليه، عمل أعمالاً وقال أقوالاً أودت بذهاب أجره، إما أن هذه الأعمال مما يحبطُ بها العمل كالرياء والسمعة والشرك، وإما أنه وقع في آثام ومعاصي، فعند نهاية اليوم وعند فرز الحسنات والسيئات إذا بالحسنات تذهب بما عليه من الحقوق، سَبَّ هذا، وشتم هذا، وضرب هذا، وأخذ مال هذا، وهكذا رُبَّ صائم وقائم ليس له من قيامه إلا السهر والتعب، إما أنه عمل أعمالاً تُبطل هذه الحسنات كالرياء والسمعة أو الشرك أو تصديق الكهان والعرافين والمنجمين والسحرة، فهناك أعمال من عملها تؤدي إلى بُطلان جميع حسناتك، وإما مثل الأول أنه ارتكب آثاماً في ليله،ِ والأول في نهاره، ففي ليلهِ شَرِبَ الدخان، ومضغ القات، واستعمل الشمة، والتنباك، والجراك، وتابع المسلسلات والتمثيليات، ونَظر إلى صور النساء، وسمع إلى كلام الرجال الكلام الباطل والفاسد وهو يستمع إليه ويُصغي إليه وربما يفرح به وقلبُه تَقَبَّلَه، وأيضاً من خلال الجلوس مع الناس في المجلس غيبة ونميمة وهمز ولمز وطعن، وإذا بأجرِ قيامهِ قد انتهى، بل بعضهم وعليه أيضاً حقوق، مثلاً إذا كسب مثلاً سبعين حسنة، عليه مثلاً ألف وأربعُ مئة سيئة، سبعين حسنة تُنَقِّصها من ألف وأربع مئة، كم بقي عليك من الذنوب؟، الحساب الذي أنت تعرفه في الدنيا هو الحساب في الآخرة، واحد زائد واحد يساوي اثنين، نفسه، هذه حسنة وهذه سيئة، عندك خمسين ريال وعليك خمسين ريال، نفس الحساب، فالخمسين الريال الذي عندك إذا دفعتها عن الدين أصبح ما عندك شيء (صفر)، وهكذا حسنة وسيئة نفس الحساب، والناس يوم القيامة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام، أنت لا بُدَّ أن تكون واحد من هذه الثلاثة الأقسام:
1. قسم حسناته أكثر من سيئاته، هذا من أهل الجنة، من أصحاب اليمين.
2. وقسم سيئاته أكثر من حسناته، هذا من أهل النار، من أصحاب الشمال، ميزان.
3. وقسم ثالث تساوت حسناته وسيئاته، الكِفَّتان تساوتا، فهذا من أصحاب الأعراف، كما في سورة الأعراف، يُوقفون على ذلك الجبل (جبل الأعراف) حتى يفصل الله بين العباد، بين من ثقلت حسناتهم أو سيئاتهم، ثم يحكم الله في هؤلاء، الذين مثلاً عنده مليون حسنة وعليه مليون سيئة معناه أصبح صفر، ما عنده ولا حسنة واحدة تؤهله لدخول الجنة دخولاً أوليا،ً فهذا تحت مشئة الله، إن أدخلهم الله الجنة وهم في هذه الدرجة (صفر) فبرحمته، وإن عذَّبهم بذنوبهم التي فعلوها فبعدلهِ.