السؤال : ما حكم من فاته أشهر من رمضان وهو يجهل مسألة تبييت النية، ولكن كان يقوم للسحور ويعلم في قرارة نفسه أنه سيصوم، ولكن لا يستحضر النية، هل عليه القضاء أم ماذا يفعل؟
الجواب :
ما دام أنه كان يقوم للسحور وفي قرارة نفسه أنه سيصوم (هذه النية) هذه النية، ولا بأس أن نذكر للإخوان تقسيم النية (نية رمضان)، تحتاج إلى أربع نيَّات، نية عامة، ونية خاصة، ونية الامساك، ونية الاستمرار على الصيام حتى غروب الشمس، هذه تنبَّهوا لها -بارك الله- فيكم.
1. النية العامة: مثلاً من شعبان، عندك نيَّة أنك -إن شاء الله- هذه السنة رمضان ستصومه كاملاً، هذه النية العامة، مستحبة، لا تُغني عن بقية النيات، وفائدتها أن الإنسان إذا مات في شعبان وقد نوى هذه النية، يكتب الله له صيام رمضان في ذلك العام كاملاً بنيتهِ الطيِّبة، وإذا مات في أثناء رمضان، يكتب الله له صيام البقية؛ لأنه كان عنده نية على أن يصوم رمضان كاملا.
2. أما النيَّة الخاصة: فهذه شرط في صحة الصيام (صيام الواجب)، أما صوم النافلة إذا نوى من النهار أجزأه، لكن الواجب الذي هو أداء رمضان وقضاء رمضان وصوم الكفارات وصوم النذور لا بُدَّ أن تكون النية مُبَيَّتَة من الليل، كما قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (من لم يُبَيِّت الصيام بليل فلا صيام له)، فلا صيام له، تستحضر ما في النية، ما تتلفظ، الأربع كلها استحضار، فكل يوم من أيام رمضان تجهز النية من الليل، أنك غداً -إن شاء الله- صائم، يعني لو نويت الآن أنك غداً السبت صائم -إن شاء الله- ما تُجزئ؛ لأنه هذا الآن نهار، لا بُد يكون من غروب الشمس، من أذان المغرب إلى أذان الفجر، النية ما بين ذلك، في أي وقت من الليل تذكرت أجزأت، تذكرت أنك غداً صائم خلاص هذه النية، في أي وقت من الليل، من غروب الشمس إلى قُبَيل الأذان الثاني، ولو بدقيقة أجزأت، فهذه شرط، الثانية النية الخاصة لكل يوم.
3. يبقى عليك نية الامساك: أنت في الليل ناوي الصيام غداً وتأكل وتشرب، فأين نية الامساك؟، متى كان الفاصل بين زمن الحِل وزمن الحُرمة؟، لا بُدَّ من فاصل يفصل، أما أنك في الليل ناوي الصيام وتأكل وتشرب ثم حصل لك ذهول وأذن المؤذن وأقيمت الصلاة وأنت ما جئت بالنية الفاصلة، فإذا تسحَّرت وانتهيت من الطعام ومن الشراب وجميع حاجاتك، وقُمت للوضوء أو قد توضأت، وقُمت تستاك مضمضة وتنظِّف فاك، وترى أنك خلاص مكتفي بما قد صار في بطنك، يبقى لحظات على الأذان، هنا تأتي النية (نية الامساك) أنك ممسك خلاص من الآن، كُلّه في القلب بدون تلفُّظ، فاهتموا بهذا، ويدل على هذا قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (لا صيام لمن لم يَجْمَعْهُ قبل الفجر) أن تستحضره قبل الفجر.
4. أما النية الرابعة وهي نية الاستمرار، الأصل أنك مستمر، الأصل أنك -إن شاء الله- مستمر على صيامك حتى تغرب الشمس، لكن لو حصل لك أنك قطعت النية، فَهُنا يَلْزمُكَ القضاء، مثلاً شَعَرَ بالعطش وقام يشرب ما وجد الماء، فقال خلاص سأستمر، واستمر، هذا هو الصحيح يستمر، لكن يقضي هذا اليوم لأنه قطع نية الاستمرار، أما إذا لم تقطع النية ما عليك شيء، فأنت على الأصل على نِيَتِكَ السابقة، كما قال الله: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ» هذا هو الأصل «ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْل»، فما يقضي إلا إذا قطع النية، حتى وإن لم يأكل ولم يشرب لكنه قطع النية، عَزَمَ على أنه سيفطر ثم ما أفطر فيمسك ما تبقى من النهار ويقضي يوماً آخر.